الجمعة، 17 ديسمبر 2010

كيف يربى الشباب على القيم النبيلة


بما أن مرحلة الشباب مرحلة خطيرة جدّاً في حياة الإنسان، إذ تتخلّلها فترة المراهقة الحسّاسة، وأنّ حالاته متشعّبة، والأحاديث عنها والنقاشات والبحوث والتحقيقات حولها تثير الجدال والأخذ والعطاء لذالك يسعى الدين الإسلاميّ الحنيف ، إلى معالجة الأفراد معالجة نفسيّة، وإعدادهم ليكونوا أعضاء صالحين نافعين في المجتمع الإسلاميّ، وهو بذلك يرمي إلى غرس روح الثقة والاطمئنان والأمان والهدوء والراحة النفسيّة عند الإنسان، خاصّة عندما يعده بالأجر والثواب والمغفرة وقبول التوبة، والجنّة.
وإذا داهمته مصيبة أو مشكلة مؤلمة، تراه يصبر ويسترجع، ويذكر الله عزّ وجلّ؛ لو كان مؤمناً بالله و برسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ملتجئاً إلى ربّه تبارك وتعالى، واثقاً به، فتطرق الآيات القرآنيّة الكريمة والأحاديث الشريفة باله؛ فيتأسّى بها، ويصبر على ما أصابه، ويخطّط لما يجب أن يعمله كي يقضي على أثر تلك المصيبة أوالمشكلة، فيتدارك ذلك بذكر الله جلّ وعلا.
قال سبحانه من قائل في كتابه المجيد:
(( الذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون )) .
(( … والصابرين في البأساء والضرّاء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتّقون )) .
(( والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )) .
فعلى الوالدين والأسرة والمعلّم والمجتمع والدولة والمتصدّين لعمليّة التربية المقدّسة، أن يسعى كلّ منهم لزرع الهدوء والأمن والاستقرار والثقة والطمأنينة في نفوس الأولاد، أطفالاً وشباباً؛ لتخليصهم من تأثيرات الخوف والاضطراب والتردّد و التشكّك و القسريّة والإرهاب والفرض والإجبار والتسلّط، التي تؤدّي إلى سحق شخصيّاتهم، وإلى الانهيار النفسيّ، ليخرجوا إلى المجتمع الإسلاميّ صحيحين سالمين سليمين، تزرع الثقة في نفس كلّ منهم فيكون شخصاً له شخصيّته الجيّدة، ودوره المسؤول النافع في عمليّة بناء وطنه وتحضّره وتطوّره وعزته وكرامته.
وتفيد بحوث وتجارب المحلّلين النفسانيّين والأطبّاء والعلماء وخبراء علم النفس وعلم الاجتماع؛ بأنّ جانباً كبيراً من السلوك البشري يتكوّن من استجابة داخليّة لمؤثّرات خارجيّة، مثل المال والجنس والجاه وغير ذلك، وأنّ ردّ الفعل المتكوّن عند الإنسان لكلّ منها إنّما يتحدّد بطبيعة ملكته النفسيّة، وقدرته على مجابهة ما يشعر بضرره له، فلا ينقاد إليه، وعلى هذا يتحدّد موقفه من هذا المؤثّر أو ذاك.
ومّما يذكر أن تربية الإنسان المتوازنة نفسيّاً وأخلاقيّاً وسلوكيّاً لها أثرها الكبير على استقرار شخصيّته، وسلامتها من الأمراض النفسيّة، والعقد الاجتماعيّة والحالات العصبيّة الخطيرة وحالات القلق والخوف التي كثيراً ما تولّد لديه السلوك العدوانيّ؛ فينشأ فرداً مجرماً خبيثاً مضرّاً فاسداً في المجتمع.
قال أميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه:
<< الذّكر نور العقل، وحياة النفوس، وجلاء الصدور >>. لما لذكر الله سبحانه وتعالى من آثار على العقول والنفوس والقلوب عجيبة. فترى في الدعاء الذي علّمه الإمام عليّ صلوات الله وسلامه عليه لكميل بن زياد رضوان الله تعالى عليه، وورد في الدّعاء المسمّى باسمه ( دعاء كميل ):
<< اللهمّ اجعل لساني بذكرك لهجاً، وقلبي بحبّك متيّما >>.
وإنّ الغرور الذي ينتاب بعض الشباب هو من المشاكل العويصة، ذات الخطورة البالغة على الشابّ نفسه وعلى أهله ومجتمعه، وهو من المشاكل التي إذا لم تدرك وتعالج وتوضع لها الحلول المناسبة، سوف يحلّ بذلك المجتمع الداهية العظمى والبلاء الشديد؛ لذا توّجب على الآباء والمربّين توعية الشباب وتثقيفهم تربويّاً وأخلاقيّاً وعاطفيّاً، ليجنّبوهم مهابط ومساقط الغرور والإعجاب بالنفس. فعلى البيت والمدرسة و وسائل الإعلام والقانون والمراكز الثقافيّة والسياحيّة وباقي المظاهر العامّة، استهواء الشباب، والقيام بتوعيتهم الصحيحة المطلوبة، وأن يثبتوا لهم أنّ فعلهم هذا غير صحيح، وله نتائج سيّئة ووخيمة عليهم وعلى أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وفق العلم والمنطق والحقيقة والواقع، كي نحصّن شبابنا العزيز بدرع واق من مساوئ الممارسات ومفاسد الأخلاق ومنحرفات الأفكار؛ ليكون شريحة طيبّة مثمرة نافعة، تستفيد من الإمكانات المتاحة لديها، وتعيش بعزّ وكرامة وسعادة، وتجلب الخير والسعادة والفرح والسرور والبهجة على أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وبذلك يكسبون رضاء الله عزّ وجلّ ورضاء رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ فيكسب خير الدنيا وسعادة الآخرة
الهم اهدى شبابنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق